تطوير الذات

6 أسبابٍ تجعل قراراتك غير منطقية

6 أسبابٍ تجعل قراراتك غير منطقية

الوقت المقدّر للقراءة: 5 دقيقة و 2 ثانية.

 

 

لسوء الحظ، غالباً ما نندم على بعض القرارات التي اتخذناها على الرغم من أننا نبذل ما في وسعنا حتى تكون هذه القرارات صحيحة، إلا أننا لا نستطيع أن نكون منطقيين دوماً، هذا ما قاله ”دان آريلي – Dan Ariely“ في كتابه ”توقع لاعقلاني: القوى الخفيفة التي تشكل قراراتنا – Predictably Irrational“.

ولهذا السبب فإن الأسواق ليست منطقيةً دائماً ولا حتى المستهلكين، ولنفس السبب يقتني بعض الرجال الكبار في السن السيارات المكشوفة ظناً منهم أنها تجعلهم أكثر جاذبيةً في عيون النساء الشابات.

وفي المقال التالي ستقدم لكم Business Solution – BS بعض الأسباب التي تجعل الناس يتخذون قراراتٍ لاعقلانية:

1- تجنُب الخسارة:

نميل جميعاً إلى تجنب الخسارة أكثر من رغبتنا في تحقيق المكاسب، على سبيل المثال: فإننا على الأغلب نفضل عدم خسارة 100$ أكثر من رغبتنا في كسب 100$.

إذاً ما مقدار رغبتنا في تجنب الخسارة بالنسبة لرغبتنا في الكسب؟

يشير بحثٌ أجراه ”دانيال كانيمان – Daniel Kahneman“ مؤلف الكتاب الشهير ”التفكير- Thinking, Fast  and Slow“ إلى أن شعور الخسارة اقوى بضعفين من شعور الكسب، وهذا تطبيقٌ عملي للمثل القائل بأن عصفوراً في اليد خيرٌ من 10 على الشجرة.

وهذه النزعة يمكن تفهمها حقيقةً، حيث أن الخسارة تعني فقدان شيء تملكه بالفعل، أما عدم الكسب يعني فقدان شيء لا تملكه فعلياً، فمثلاً: إن كانت لدي الفرصة لأن أكسب 100$ ولم أستطع فهذا شعورٌ مزعج، لكن إن كان لدي 100$ وخسرتها فإن ذلك شعورٌ مؤلمٌ حقاً.

تكمن المشكلة في تجنب الخسارة وأن تبقى الأوضاع كما هي عليه، لنفترض أنك قررت عدم الذهاب إلى حفلةٍ للتعارف لأنك لا تريد التخلي عن ساعةٍ من وقتك، حسناً ماذا لو كان يمكنك الالتقاء بالشريك المثالي في تلك الحفلة؟

أو أنك قررت ألا تستثمر 20000$ في عملك لأنك لا تريد أن تتخلى عن هذا المبلغ، في حين أنه كان بإمكان هذا الاستثمار أن يدر عليك ربحاً أكثر بكثير من المبلغ الأصلي.

فكر في الأمر بهذه الطريقة: يمكنك التعافي من أي خسارةٍ ولكنك لن تتعافى ابداً من عدم قيامك بكل ما تستطيع لتحقيق أحلامك، إذاً السر يكمن في أن تقدر بحكمةٍ قيمة الشيء الذي تضحي به، فعلى الأغلب ما نخسره أقل بكثيرٍ مما نظن.

 

2- تحيز الذاكرة:

يشير هذا المصطلح إلى أنك إن تذكرت شيئاً فلابد أن يكون مهماً، أو على الأقل أكثر أهميةً من الأمور الأخرى التي تجد صعوبةً في تذكرها.

وهذا يعني أننا نميل إلى إعطاء وزنٍ أكبر للمعلومات الحديثة، ونشكل آرائنا وقراراتنا وفقاً لها.

على سبيل المثال: إذا قرأت عن هجمات أسماك القرش، فإنك تلقائياً ستعتقد بأن هجمات القرش في ازديادٍ حتى ولو لم تحدث أي هجماتٍ خلال الأشهر الماضية، فبما أنها حديثة إذاً فهي دارجة.

جزءٌ من المشكلة يكمن في قدرتنا الهائلة على الوصول إلى المعلومات على عكس السابق، حيث
أنه حين يحدث أمرٌ ما فإننا سنعرف عنه فوراً.

مثلاً: إن حصلت سرقة في منطقةٍ ما فإنك ستعتقد بأن هذه المنطقة غير آمنةٍ على الإطلاق، وقد تقوم بإلغاء رحلتك إليها.

أما الجزء الآخر من المشكلة يكمن في أنه كلما كان الحدث أضخم وذي تأثيرٍ أكبر على العاطفة، فإنك ستتذكرهُ بصورةٍ أقوى، وعلى الأغلب ستعطيه حجماً أكبر من حقيقته في عملية اتخاذك للقرار.

دائماً استخدم تحيز الذاكرة كنقطة البداية لتساعدك على القيام ببحثٍ أكبر، وحتى تتأكد من أنك تعرف كل ما تحتاج معرفته وليس فقط ما تتذكره.

 

3- تحيز النجاح:

يركز تحيز النجاح على الأشخاص الذين نجحوا، بينما يتغاضى عن الآخرين الذين لم ينجحوا.

على سبيل المثال: تخلى ”ريان غوسلينغ – Ryan Gosling“ عن دراسته الثانوية في عمر السابعة عشر وسكن في ”لوس أنجلوس – Los Angeles“ ليلاحق مهنة التمثيل، ونجح في ذلك بشكلٍ كبير، ولكن ماذا عن آلاف الأشخاص الذين فعلوا مثله؟ هل جميعهم أصبحوا نجوماً في هوليوود؟ أبداً، ولكنك لم تسمع عنهم.

ينطبق الأمر أيضاً على ”ستيف جوبز- Steve Jobs“ الذي ترك جامعة ”رييد – Reed“ ليلتحق بالصفوف التي تهمه، نجح الأمر معه ولكن ماذا عن الآلاف مثله ممن لم يكملوا دراستهم الجامعية؟ هل أصبحوا جميعهم من أصحاب الأموال؟ لا ولكنك لم تسمع عنهم.

يشير ”مايكل شيرر – Michael Sheerer“ إلى كيفية أن الحديث عن النجاحات التجارية لا يروي كامل القصة، حيث أن التركيز على النجاحات ينتج عنه التغاضي عما تبقى من قصص الفشل التي ترافق أغلب هذه النجاحات وغالباً ماتكون نسبتها أكثر بكثير من تلك القصص التي نسمعها، إلا أننا لا ندرك ذلك لأننا ببساطة لا نرغب إلا بسماع قصص النجاح والتفوق.

ويتساءل البروفيسور ”لاري سميث – Larry Smith“  في جامعة ”واترلو – Waterloo“ في معرض الحديث عن جوبز، ماذا عن ”جون هنري – John Henry“ و 420000 الآخرين ممن حاولوا المخاطرة وفشلوا؟

إذاً نحن نصدر الحكم على ما ينبغي علينا فعله بناءً على الأشخاص الذين نجحوا متجاهلين كلياً العبرة التي يجب علينا اتخاذها من الأشخاص الذين لم ينجحوا.

وتكمن مشكلة تحيز النجاح إلى أنه لا يشير إلى إستراتيجيةٍ أو طريقةٍ أو خطةٍ للنجاح، أو إن كان الأمر سينجح بالنسبة لك أو لا.

فمثلاً حتى إذا تدربت مثل ”يوسين بولت – Usain Bolt“ فإنك على الأرجح لن تصبح أسرع رجلٍ في العالم، وقد تكون متحدثاً ممتازاً مثل ”تشارلز باركلي – Charles Barkley“ إلا  أنك غالباً لن تكون محبوباً مثله.

لذلك لا تبنِ خططك على خطط الآخرين فقط، اعمل جاهداً لمعرفة نفسك، ومعرفة نقاط ضعفك وقوتك وما يجعلك سعيداً، عندها ستتمكن من تحديد الطريق الأمثل لك.

 

4- تحديد الأساس :

الأساس يؤثر كثيراً في اتخاذ القرارات، لذلك فإنه من المهم أن تعرف ما أنت على استعدادٍ لدفعهِ، أو ما أنت مستعدٌ للقيام به، وتجاهل ما يمكن أن يؤثر على قرارك، لذلك عليك معرفة القيمة بشكلٍ دقيق قبل أن تبدأ.

والأساس غالباً ما يستخدم في المفاوضات، وذلك لأن قيمة العرض تتأثر بشكلٍ كبير بالرقم المقترح في البداية – الأساس – ليبدأ التفاوض.

وتبين الأبحاث أن ما يجنيه البائع في حال كان هو من وضع الأساس أكثر بكثيرٍ مما يجنيه لو كان المشتري هو من وضع الأساس، لماذا؟ لأن ما يضعه المشتري في البداية يكون منخفضاً أكثر.

إذاً في التفاوض فإن الأساس هو الذي يصنع الفرق.

 

5- إنها فكرةٌ تافهة، ما لم تكن فكرتي:

وتقوم هذه النقطة على أن أي فكرةٍ لم تصدرعنّي (أوعنّا) فهي عديمة الفائدة.

جميعنا عمِل مع أشخاصٍ يكرهون كل فكرةٍ جديدة، ما لم نستطع بطريقةٍ أو بأخرى إقناعهم بأنها فكرتهم في الأساس، وأحياناً قد نكون نحن هؤلاء الأشخاص.

وذلك لأن هذه الخصلة قد تصيب أي أحد، خصوصاً القادة وأصحاب الأعمال، لأن مصدر هذه الخصلة هو الغرور، وكلما ارتفعت قيمتك (خصوصاً بتقديرك أنت) زادت فرصة إصابتك بهذه الصفة.

وللتغلب على هذه الصفة، إليك بعض وسائل العلاج:

  • لا تركز على مصدر الفكرة:

لجميع الموظفين أفكار جيدة بغض النظر عن درجاتهم الوظيفية، إذاً افتراض أن أفكار الموظف الجديد عديمة الفائدة فقط لأنه جديد، هو افتراضٌ خاطئ بنفس نسبة خطأ افتراض أن الموظف القديم لديه دائماً أفكارٌ جيدة، إذاً القيمة تكمن في الفكرة وتطبيقها، وليس في مصدرها.

  • لا تركز على الصنعة:

حيث يمكن أن تتعلم الكثير عن كفاءة التصنيع عند قضائك 30 دقيقة في مزارع الدواجن أكثر مما قد تتعلمه أثناء التعليم الرسمي وبرامج التدريب، وفي أحيانٍ كثيرة  نستوحي أفضل الأفكار من أكثر الأماكن التي ليس لها صلة بعملنا.

  • لا تسمح لغرورك بالسيطرة عليك:

كونك تشغل منصباً قيادياً لا يعني أنك الأذكى، والأكثر إبداعاً، فالأفكار الخلاقة ليست محصورةً بالقادة.

لذلك لا تتردد في السماح للآخرين بالظهور فإن تميزهم يزيد من تميزك، وبذلك يستفيد الجميع، وأنت خاصةً.

6- التحيز للذات:

أو ما يطلق عليه تحيز للتأكيد، كقولك ”أنا ذكيٌ فعلاً وسأخبرك لماذا“.

إذاً التحيز للذات هو ميلنا إلى البحث عن المعلومات التي تُأكد ما نعتقده مسبقاً، وتجنب المعلومات التي قد تضعف معتقداتنا، فإن كنت تعتقد بأن الزبائن يحبون منتجك، عندها ستركز على آراء الزبائن الإيجابية وتتجاهل أي إفادةٍ من الزبائن غير الراضين عن المنتج.

إن أفضل طريقةٍ لتجنب التحيز للذات هو أن تخرج بالنتيجة بعد أن تراجع كافة البيانات بصدرٍ رحب، بدلاً من افتراض أن جميع الزبائن يحبون منتجك، عندها ستكون حي-ادياً، وستتمكن من اتخاذ القرارات الذكية.

 

تذكر دائماً أننا جميعنا عرضة لاتخاذ قراراتٍ غير منطقية في بعض الأحيان، ففي النهاية نحن بشر، ولكن ومن خلال اتباع النصائح السابقة قد تتمكن من تقليل نسبة الأخطاء التي قد ترتكبها عند اتخاذ قراراتك، وبالتالي فإن ذلك سيزيد من فرص نجاحك في حياتك العملية والشخصية على حدٍ سواء.

 

 

إعداد: Ahmad Muslat.

مراجعة: Leen Abboud.

0 0 vote
Article Rating
Ahmad Muslat
الكاتبAhmad Muslat
-Applied Science University -Jordan
Accounting Specialist.
Content Creator.
اشترك
نبهني بـ
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Pin It on Pinterest

Share This