فيلم نيتفليكس الجديد وعلاقته بجائحة فايروس كورونا
الوقت المقدّر للقراءة: 3 دقيقة و 14 ثانية.
في خضم جائحة فايروس كورونا التي نعيشها، الجميع في حالة هيستيرية من الذعر والتسوق المنزلي بشكل عشوائي خوفاً من انقطاع الغذاء أو الماء، فإذا كُنت مُهتماً بمشاهدة فيلم عن العزلة، ندرة الغذاء أو المجاعة، فإنَّ نيتفليكس استجابت لك ولما يطلبه الجمهور في سوق الأفلام وأطلقت فيلماً بعنوان “The Platform” أو “المنصّة” القصّة مُستوحاة من الخيال العلمي، الفيلم باللغة الاسبانية ومن اخراج Galder Gaztelu Urrutia، تمَّ عرضه لأول مرّة في مهرجان تورنتو السينمائي في عام 2019 قبل أن تحصل Netflix على حقوق توزيعه في جميع أنحاء العالم.
هناك أشياء كثيرة ومشاهد ثقيلة من الصعب رأيتها بأم الأعين في الفيلم إذا كنت هنا لأنّك اضطررت إلى إيقاف تشغيل الفيلم من أجل سلامة ذهنك، ولكنّك لا تزال تريد معرفة نهايته، يسعدني مساعدتك، أمَّا إذا كنت هنا لأنّك أنهيت الفيلم وتحتاج إلى مكان ما لمعالجة الذي شاهدّته للتو ، فأنا هنا أيضًا لمساعدتك.
تحذير:
هناك حرق لبعض المشاهد الأساسية في الفيلم.
الحبكة: بطل الفيلم هو شاب يدعى غورينغ، يستيقظ في غرفة هي جزء من سجن على شكل برج طولي ضخم جداً، البرج موزع على شكل طوابق تتجاوز الـ 300 طابق، في كل طابق هناك شخصين، والبرج والطوابق كلها مُتصلة مع بعضها من المركز من خلال فتحة كبيرة. لدى كل سجين الحق في ادخال شيء واحد الى السجن، مهما كان، وقد أحضر Goreng كتابًا: Don Quixote by Miguel de Cervantes أمّا زميله في الزنزانة فقد جلب معه سكيناً حادة جداً.. الطعام يُجهز من ادارة السجن في الطابق صفر، ويبدأ بالهبوط بشكل تدريجي حتى الطابق الأخير، يظل الطعام في كل طابق لفترة محدودة جداً من الثواني، وعلى الشخص تناول مايستطيع بأسرع شكل مُمكن، ومن ثمّ يهبط الطعام عبر الفتحة الى الطابق الذي يليه وهكذا..
اذا حاول أحدهم الاحتفاظ ببعضٍ من الطعام، ستصبح الغرفة إما ساخنة بشكل لا يُطاق أو باردة بشكل لا يُحتمل. جميع الأشخاص في أول 50 طابق يحصلون على الطعام ويُعتبر وضعهم جيد أو مُمتاز، وحتى ولو اضطر الشخصان اللذان في الطابق خمسين الى تناول فتات طعام الـ 96 شخص الذين فوقهم.
في كل شهر يتم إعادة توزيع السجناء بشكل عشوائي بين الطوابق، ويدخلون قبل ذلك في سُبات مُؤقت تحت تأثير الغاز، فإذا استقيظ السجين في الطابق رقم 5 على سبيل المثال، فإنّه يستطيع تناول جميع أنواع الأطعمة وبشكل مُطلق دون أن يملك الحق في الاحتفاظ بأي جزء، ولكن بعد شهر، سيكون تحت رحمة الاحتمال العشوائي وقد يستيقظ في الغرفة رقم 250، وفي هذا المستوى، لن يصل له ولا حتّى بقايا فُتات لأي طعام، وستكون جميع الصحون والأطباق فارغة بشكل كامل.
المشكلة تكمن في أنَّ الأشخاص التي هي في الطوابق التي بعد الطابق 50، وهذه الطوابق تتجاوز الـ 300 طابق للأسف، ومن المستحيل أن يصل لأولئك الأشخاص الطعام مالم يكن هناك تعاون بين السجناء في توزيع الحصص الغذائية و تناول فقط مايكفيهم أو مايساعدهم على البقاء أحياء.
ولكن على العكس من ذلك، هناك فوضى لامحدودة وأنانية مُطلقة لدى جميع السجناء، فجميعهم يحاول تناول أكبر كمية ممكنة من الغذاء، بل وينظرون إلى الناس التي في الطوابق التي تحتهم نظرة دونية بدون أي رحمة ويتركونهم لينهشوا بعضهم بعضاً من شدة الجوع لأنَّ الطعام لايصل إليهم، مما يدفعهم إلى القيام بأمور شنيعة لبقائهم على قيد الحياة، وهؤلاء الأناس أنفسهم يعانون التمييز من الأشخاص التي في الطوابق الأعلى منهم، بل ويُعاملون بالمثل من قبلهم. نعلم أنَّ جورينج بطل الفيلم وصل إلى الحفرة طوعًا لمدة ستة أشهر، مقابل الحصول على دبلوم معتمد ، ولكن من الواضح أنه لم يكن لديه أي فكرة عن مدى فظاعة السجن.
الهدف من وراء الفيلم:
من الواضح أنَّ السجن أو المنصّة هما استعارة للرأسمالية. إذا وافق السجناء فقط على العمل معًا وتقنين حصصهم الغذائية لمساعدة بعضهم – على سبيل المثال ، في مجتمع اشتراكي ديمقراطي – فسيتم إطعام الجميع حتى آخر طابق. ولكن بدلاً من ذلك، إنّه مجتمع رأسمالي رابح يأخذ كل شيء ويترك الناس في القاع يموتون ويأكلون بعضهم البعض.
وبينما نجح غورينغ في نهاية المطاف في إقناع الأشخاص في القاع بأنَّ التغيير ممكن، فمن الصعب إقناع الأشخاص التي في القمة القمة بأن يُعيروا أي اهتمام. النهاية تجعل الفيلم مفتوحاً حول ما إذا كانت الرسالة ستكون كافية لإقناع الأشخاص في القمة بتغيير طُرقهم. فعل غورينغ كل ما بوسعه ولكن الأمر في أيديهم الآن.
كما أنَّ الغاية من نشر نيتفليكس لهذا الفيلم في هذا التوقيت بالذات مما يشهده العالم (مع العلم أنَّ الفيلم لديها منذ عام 2019)، قد تكون انتقاداً للأنانية التي شهدناها جميعاً مؤخراً، وفي جميع أنحاء العالم، سواء كأنانية أشخاص، مؤسسات أو جماعات، والتي قد نذكر منها التسوق بشكل جنوني وشراء مواد وأشياء قد لاتستخدم نصفها خلال الفترات القادمة وقد تحرم العديد من الناس من الاستفادة منها أو شرائها، على سبيل التوضيح سأقوم بذكر مثال مُبسّط: عندما يشتري شخص 20 عبوة حليب له لوحده دون أن يعطي أي اهتمام للعوائل التي لديها أطفال، أو للأناس ذوي الدخل اليومي أو المحدود والذين ليس لديهم القدرة على العمل في ظل الحجر الذي تعيشه مُعظم دول العالم، فإنَّ ذلك سيقلل من عرض الحليب وسيرفع الأسعار بشكل جنوني وقد يؤدي الى حرمان هؤلاء الأشخاص الفقراء من الحليب، كما سيُؤدي إلى عدم توفره في السوق وعدم مقدرة العوائل على تأمينه لأطفالها، وقس على ذلك جميع المنتجات والحاجات الأخرى..
إعداد: ماهر دهمان